Powered By Blogger

الأربعاء، 29 مايو 2019

◽️ رُؤيةٌ ورَوِيَّة ( في نقض أسس ومباديء الوافدات الباطنية الفكرية الفلسفية العقدية وملحقاتها وتطبيقاتها )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله خالق الخلق والأنام والصلاة والسلام على سيد الأنام محمد بن عبدالله وآله وصحبه الكرام
اما بعد أيها الكرام

مع انتشار المعتقدات الباطنية والفلسفات الوثنية الشرقية وما يتبعها من تطبيقات ووافدات فكرية عقدية، أصبح التصدي لها ضرورة ملحةٌ من الضرورات وواجب رئيس من الواجبات وما زلنا نرى تقصيراً من الباحثين والباحثات ومراكز الأبحاث والجامعات في التصدي لتلك العقائد والوافدات وتحرير أفكارها والمعتقدات ولا ندري متى تقتحمها اقسام العقيدة والدراسات وكذلك الهيئات والمنظمات ،
جهودٌ مشكورة ظهرت في الساحة ، ممن عنده غيرة على دينه وتوحيده بارك الله لهم جهدهم ونفع الإسلام والمسلمين بهم فهبوا يدافعون ويبينون فمنهم من أصاب ومنهم من تعثر فكلاهما قد اصلح النية وقدم المعذرة إلى ربه فهنيئاً لهما جهديهما وتقبل الله عملهما انه سميع مجيب

هذه الجهود مازالت عشوائية على الساحة وليست منظمة أو منتظمة بالقدر المطلوب فلذلك أوجه كلامي لرؤساء أقسام العقيدة في الجامعات الإسلامية في العالم بتوجيه الطلاب والطالبات والباحثين والباحثات للتصدي لتلك الوافدات عبر أبحاثهم ودراساتهم فهي أولى من كثير من المواضيع التي أُشبعت بحثا ودراسة ولا زالت تخرج لنا أبحاث فيها وكذلك البعد عن الأبحاث السطحية للكتاب والمفكرين المعاصرين فهي مواضيع هامشية أدت إلى ضعف المخرجات ، فموضوع التصدي لتلك الوافدات هو من صلب تخصصهم ومن أسس دراسة العقيدة فالله الله بها ولا تتركوها وتتخاذلوا عنها فالله سائلكم والله يشهد أني قد بلغتكم .
وهنا أقدم بعض السطور والنقاط رُؤيةٌ للباحث يستعين بها ورَوِيَّةٌ له قبل الخوض في غمار البحث مما قد يعينه في التصدي العقدي لتلك الوافدات والفلسفات الباطنية العقدية،  وهو مجهود متواضع أسأل الله أن يتقبله، أردت فيه تبيان ما ارتأيته من خلال دراستي وبحثي لتلك الوافدات فإن أصبت فمن الله وحده وإن أسأت فمن نفسي والشيطان وأسأل الله أن ينفعني وإياكم بها.

وهذه النقاط أرى أن الباحث المتصدي لتلك الوافدات الفلسفية العقدية يجب عليه ألا يغفلها وأن يضعها نصب عينية في بحثه والتصدي لها وهي كالتالي:

١- الأخذ من الكتب الأصلية ( المصادر) للمذاهب والديانات الوثنية الشرقية وتعريفاتهم للتطبيقات والفلسفات والممارسات ومعرفة مصطلحاتهم ومقصودها ومضمونها عندهم:

هذه عقائد القوم ولنقضها لابد من الأخذ من كتبهم الأصلية التي وردت فيها تلك الفلسفات والتطبيقات ومصطلحاتها ولا يستقيم الأخذ ممن نقل عنهم وبالذات الغربيين بل هو زلل بعينه فلربما من نقل عنهم لم يعرف ولم يعلم حقيقة مذهبهم ودينهم وفلسفتهم في ذلك بل قد وجدت أن الغالب في كتب الغربيين ممن يتبعون لجمعية الثيوصوفيا وحركة العصر الجديد وغيرها من الحركات والمنظمات المروجة لها بما فيهم المؤسسين لها وأعلامها ينقلون تلك الفلسفات ويفسرونها حسب فهمهم الغربي ولا يلتزمون بمنهجية فهمها على مدار فكر اهلها وفلسفتهم وذلك بإعترافهم بنقلها وتصديرها من اصولها الشرقية وهذا خطأ في التصور والمنهجية نتج عنه فلسفات جديدة مشوهة عن الأصل فحين يَرُد الباحث عليهم فهو في حقيقته لا يرد على معتقدهم وفكرهم فيها بل على تصور وفهم الناقل لها، فهنا يجب على الباحث أن يرجع لأصول كتبهم فيما يذكر وينقل عنهم ليتأكد من فهمه لما يعتقدونه فيها ويتجنب الوهم والزلل،

ولربما يقول قائل : أنّ النظر في كتب المبتدعة محرم،  وهنا نقول: إن هذا الحكم لا يصح اطلاقه هكذا بالعموم فبلا شك أن غير المتخصص يحرم عليه مطالعة كتب المبتدعة والمشركين والوثنيين الفلاسفة وذلك بخلاف المتخصص في العقيدة ونقض تلك الفلسفات الوثنية وتطبيقاتها فهؤلاء ينتظر منهم نصرة عقيدة أهل السنة والجماعة وتبيان ما عليه تلك الوافدات من مخالفات عقدية وتبيان خرافاتها ووهمها للناس، وكيف للمتصدي لتلك الوافدات أن يبين مخالفتها للكتاب والسنة والرد عليها وتبيان أسباب مخالفتهم دون أن يفهم تلك الوافدات من اهلها ومصادرها الأساسية كما هي معلومة ومعروفة عندهم ومعرفة تعريفاتها المختلفة عند طوائفهم المختلفة وكذلك النظر والعناية بالإختلافات في الطائفة الواحدة.

٢- يجب على الباحث عدم النقل من الخصوم في شرح وتحرير مذهب أو فلسفة أو تطبيق أو ممارسة أو أي من طقوسهم من خلال خصومهم:

ولا شك أن النقل من قول الخصوم في التعريف والتحرير والشرح غير منهجي وبه زلل فالمتعارف عليه أن الخصم غير مؤتمن في النقل عن خصمه في تحرير وتعريف المعتقد وشرحه (الممارسة او الفلسفة او التطبيق أو الطقس وغيره) فقد اطلعت على عدد من الكتب الغربية المشهورة في نقل تلك الفلسفات ونقضها ومما لاحظته فيها العديد من المغالطات والأخطاء المنهجية  مثل نسبة الوصف والقول عن الممارسة او الفلسفة او التطبيق بما لم يذكر في كتب أهل الفلسفة او المعتقد الأصلية وما ذكره الخصم هو كذب وافتراء، ومن تلك الأخطاء هو تفسير الخصم للمعتقد بغير حقيقته وواقعه الذي يعرفه ويعترف به أهله بناءً على فهمه وتصوره لكلامهم ولم يدخل الى حقيقة معتقدهم في ذلك.

٣- تتبع المصادر والكتب والمنظمات المتعاقبة في تناول تلك الفلسفات والوافدات والممارسات العقدية والمقارنة بينها سواءً من أهلها او ممن نقل عنهم من أعلامها ومروجيها من الغربيين وغيرهم:

فتتبع تلك المصادر وقراءة الكتب الأصلية فيها وشروحاتها المتقدمة والمتأخرة يعطيك القدر الكافي لتصور الممارسة أو التطبيق وفهمه وفهم مراحل تطوراته إن وجد أو التغيير الذي طرأ عليه ومن كان متسببا في ذلك ولِمَ؟ ومن أدخل ذلك الفكر او الفلسفة او التطبيق أو الطقس وغيره للمنظمات والهيئات والحركات المتعاقبة وماذا كان الغرض منها وكيف ادخلت والتغيير التي تم عليها حين ادخلت ومن يقف خلفها إلى غير ذلك من المسائل المعينة على فهم حقيقتها كما هي لديهم وما هي اختلافاتهم بين الطوائف المختلفة عندهم بل والإختلافات بين ابناء الطائفة الواحدة في فهمها وتطبيقها وعقيدتهم فيها.

٤- معرفة كيفية التعامل مع مصادر تلك الفلسفات والوافدات العقدية ومعرفة التفرقة بينها ومعرفة طبقاتها
وهذا يحتاج جهداً ليس بالقليل ويتطلب استقراءً للمصادر الأصلية والمقارنة بينها للخروج بنتائج علمية رصينة، وأخص هنا كتب الڤيدات الهندية فهي أصل لابد منه لكل باحث ، كما يجب على الباحث معرفة اقسامها وشروحاتها المتقدمة والمتأخرة منها ، وعليه  التفريق بين الآراء الواردة في كتاب واحد ومعرفة اذا كانت هي بالفعل متعارف عليها عندهم ام انها ليست بأقوال مذهب ذلك الكتاب،
كما يجب على الباحث معرفة طوائف ومذاهب وعقيدة كل كتاب من كتبهم، فالديانات والمذاهب والطوائف عندهم كثيرة ولكن غالبيتها تعتمد كتب الڤيدات الهندوسية في أصلها مع تفرعها في الشروحات حسب الديانة،
ومما يجب على الباحث معرفته أن ليس كل ما كتب من شروحات على الكتاب الواحد من عَلَمٍ من أعلامهم هو بالضرورة يعبر عن قولهم او قول تلك الطائفة.

وهنا أحث كل باحث في هذا التخصص أراد أن يروم ويجمع نقضاً قويا لمعتقداتهم على تعلم اللغة السنسكريتية واتقانها اتقانا شديداً فالواجب الآن هو عمل حركة للترجمة وهي حركة ترجمة مقابلة لما حصل في العصر العباسي من ترجمة كتب الفلاسفة الهندوس بالسنسكريتية الى العربية، فمعرفة السنسكريتية يعد بابا عظيماً وفتحاً كبيراً لنقض مذاهبهم وعقائدهم التي بدأت تستشري في أرجاء العالم كله ومنها الدول الإسلامية والعربية.

٥- التركيز على تعريفهم للمصطلح ونقضه بناءً على تعريفهم الأصلي له، فعدم الإلتزام بتعريف المصطلح كما هو لديهم يؤدي إلى نقض قولٍ ليس بقولهم ونقض ممارسة أو معتقدٍ ليس من دينهم أو فلسفتهم وإنك أيها الباحث إن فعلت فقد فتحت لهم الطريق والمسلك القوي لنقض ما جئت به على هوان، فسهل جداً أن يثبتوا عدم معرفتك بالمصطلح و فهمك له و تقولك عليهم بما لم يقولوه فالحذر الحذر من عدم التزام تعريفهم بالمصطلح ومعناه.

♦️ومن أمثلة عدم التركيز على تعريفهم للمصطلح هو عدم وضعك أيها الباحث مصطلحهم وممارستهم ومعتقدهم في إطاره العقدي الصحيح، فمثلا من المنتشر أن كثيراً من مروجيهم المتأخرين يحاولون ربط ممارساتهم بالعلوم التطبيقية الحديثة محاولة منهم لبيان صحة منهجهم وفلسفتهم ومعتقدهم، فيأت باحثٌ ويأخذ طريق إثبات أن تلك الممارسة او التطبيق ليس لها ما يثبتها علمياً أو يثبت عدم علميتها وهذا بلا شك زلل وانحراف عن المنهجية العلمية الحقة مما يجعل الممارسة تدور في فلك التداول دون إقناع بفسادها ومخالفتها للشريعة وذلك بسبب عدم التمسك بالمنهجية العلمية في الرد عليها فمن المنهجية تحرير وشرح معنى المصلح بما ورد في كتبهم الأصلية والتي لا تذكر شيئاً عن ربط تلك الممارسة بالعلم التطبيقي الحديث ثم بعد ذلك كإكمال وإتمام  لنقض المصطلح من كلام المتأخرين فيها يقوم الباحث بنقضه بالعلوم التطبيقية كخطوة متممةٍ  إن وجدت، فيكون بذلك قد نقض الممارسة او المعتقد او التطبيق او غيره من جذوره وأتى على فروعه.

♦️ومن واجبات الباحث أيضاً الإهتمام بالمصطلح ومراعاة الفروق في المعنى للمصطلح الواحد بين طوائفهم ومذاهبهم المختلفة وكذلك مراعاة اختلاف المعنى بين أبناء الطائفة أو المذهب الواحد للمصطلح او الممارسة الواحدة. فهناك العديد من مصطلحاتهم لممارساتهم وطقوسهم تحمل معنى مختلف لكل طائفةٍ منهم بل وقد يختلف المعنى بين ابناء الطائفة الواحدة وهنا يجب تبيان تلك الإختلافات ومفاهيمها وشرحها بما يفي لنقضها.

٦- تحرير وشرح المعتقد بطريقة وافية قبل الخوض في الرد عليه ولربما كان يكفي للرد على المعتقد او الممارسة أو التطبيق شرحه بالتفصيل كما هو لديهم، فشرح وتحرير تلك الوافدات والعناية التاريخية في تحريرها كفيل بتبيان حقيقة ماهي عليه من باطل ومخالفة للعقيدة الإسلامية.

٧- التركيز على دراسة معتقداتهم في المسائل الكبرى والمهمة والتي تبين مخالفة منهجهم ومذهبهم وعقيدتهم بالكلية مع العناية بالنظر في الأصول ومابنيت عليه ممارساتهم ومسائلهم الفلسفية العقدية وهذا هو الأكمل والأفضل ثم يتبعها المفضول من المسائل والممارسات والطقوس وغيرها الفرعية.

هذا والله أسأل أن يهدينا وإياكم وأن يسددنا إلى مافيه صلاح دنيانا وآخرتنا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

♦️انتهى
#محمد_السليمان

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق