Powered By Blogger

الأربعاء، 18 يناير 2017

قوانين التمييز بين العلم الحقيقي والعلم الزائف

قوانين التمييز بين العلم الحقيقي والعلم الزائف

د.محمد السليمان

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد/

أرحب بكم جميعًا أخواني وأخواتي وأشكركم لمتابعتكم ودعمكم المستمر فجزاكم الله عنّا خير الجزاء.

وأهلاً وسهلاً بكم في موضوع شيق وتقنية فريدة ومهارة بديعة تجعل منك شخصًا لا يقبل الوهم ويرفض الزائف ويتجنب الخرافة ويتنحى عن الشعوذة ولا يستسلم للخزعبلات ويعرف حق المعرفة عن حقيقة كل أمر.

بهذه المهارة تكون أنت الحكم ولعلها توصلك الى مبتغاك دون المتاهة في غياهب الجهل والظلام.

إنها مهارة كشف العلم الزائف

ما هو العلم الزائف؟ PseudoScience

يعرّف العلم الزائف على أنه مجموعة من الأفكار والممارسات التي تدّعي أنها علميّة في حين أنها لم تُبنَ وفق منهجيّة علمية حقيقية. 

كما يعرّف على أنه ادّعاء أو معتقد أو ممارسة مضلّلة تمّ تقديمها على أنّها علميّة، غير أنها تفتقر للأدلّة المؤيّدة، لا يمكن اختبارها بشكلٍ موثوق، وتفتقر للاعتراف والمكانة العلميّة، كما تتميّز العلوم الزائفة بأنّها غالبًا ما تدّعي ادعاءاتٍ غامضة ومبالغًا بها، وغير قابلةٍ للإثبات، وتعتمد على محاولات الإقناع بدل أن تعتمد على النقد الصّارم والتفنيد، كما أنها لا تنفتح على النقد من قبل الخبراء، إضافةً إلى انعدام العمليّات المنهجيّة اللازمة لتطوير نظريّات عقلانية.

في الواقع، تكمن مشكلة توضيح الحدود الفاصلة بين العلم الزائف والعلم الحقيقيّ في صعوبة وضع تعريف شاملٍ مميزٍ لكلّ منهما، بسبب اتساع مجالاتهما وغموض الفوارق بينها. ولا يمكننا إنكار أنّ مصطلح "العلم الزائف" حجّة قد يستخدمها الكثيرون لوصف ما لا يعجبهم.

كان "كارل بوبر" Karl Popper هو أول من عرّف ما سمّاه "مشكلة تعيين الحدود الفاصلة"، وذلك في سبيل إيجاد المعايير اللازمة للتمييز بين العلوم التجريبية (كالاختبار الناجح لنظرية النسبيّة العامّة لآينشتاين عام 1919) وبين العلم الزائف (كنظريات فرويد، والذي قام أتباعه بالبحث عن أدلّةٍ تؤكّد نظرياته فيما تجاهلوا إيجاد ما ينفيها). كان يمكن أن يتمّ دحض نظرية أينشتاين بفشل تنبؤ واحدٍ من تنبؤاتها.

على سبيل المثال لو أنّ كسوف الشمس عام 1919 لم يظهر انحناء ضوء النجوم بنتيجة حقل الجاذبية الشمسي (كما توقعته النظريّة) لاعتبرها العلماء نظريّة خاطئة، أمّا نظريّة فرويد فمن المستحيل دحضها أو نفيها لأنها -ببساطة- غير قابلة أصلًا للدحض، وبالتالي؛ وضع بوبر "إمكانية الدحض/ النفي" كمعيارٍ فاصل.

تكمن المشكلة في أن الكثير من العلوم الأخرى غير قابلٍ للدحض، من أمثلتها نظرية الوعي المحيطي في علم الأعصاب، نماذج الاقتصاد الضّخم، نظرية الأوتار الكونية (برأي البعض)، والفرضيّات حول ما يحدث خارج كوكب الأرض، وفي هذا الشأن على سبيل المثال؛ فإننا نفتقر إلى القدرة على البحث عن كلّ كوكبٍ حول كلّ نجمةٍ في كلّ مجرةٍ في هذا الكون! إذن، هل بإمكاننا القول أن لا حياة على أي كوكب سوى الأرض؟! (أي دحض النظريّة التي تقول باحتمال وجود حياة خارج الأرض).

يقول "مايكل.د.غوردن" Michael D. Gordin من جامعة برنستون في كتابه "حروب العلم الزائف": لم يعرّف أحدٌ عن نفسه في تاريخ هذا العالم بأنه (عالمٌ مزيف)، لا يوجد من يستيقظ صباحًا ليفكر في نفسه: سأتّجه الآن إلى "مخبري المزيف" لأعمل على بعض "التجارب الزائفة" في محاولة لتأكيد "نظريتي الزائفة"..!

هل سمعتم عن أحد عرف عن نفسه وقال أنا عالِم زائف؟ بالطبع لا.

في الواقع، بالإمكان وضع معيارٍ عمليّ لحلّ مشكلة الحدود الفاصلة، ألا وهو انعكاس الفائدة الواقعية للفكرة على العلماء: هل تثير هذه الفكرة الجديدة أيّ اهتمامات يمكن للعلماء تبنّيها في مجال عملهم؟ هل تقود لبدء أبحاثٍ جديدة؟ أو اكتشافاتٍ جديدة؟ هل تؤثر على فرضياتٍ أو نماذج أو آراء موجودة؟ إذا كانت الإجابة بـ"لا"، فالاحتمال الأقوى هو أنها مجرّد علمٍ زائف.

كما بالإمكان فصل العلم الحقيقيّ عن العلم الزائف عبر تعريف العلم الحقيقي، وبشكل أفضل عبر تعريف ما يفعله العلماء. العلم حقيقةً هو مجموعةٌ من الأساليب والطّرق الهادفة لاختبار الفرضيّات وبناء النظريات. فإذا تبنّى المجتمع العلميّ فكرةً جديدةً ولاقت هذه الفكرة انتشاراً (أي تمّ قبولها من المختصّين وفشلت كلّ المحاولات العلميّة لنقدها ودحضها)، وتم استخدامها في بحوثٍ ذات نتاجٍ مفيد، وأدّت إلى بدء بحوثٍ وتحقيقات جديدة؛ فالاحتمال الأقوى هو أنها علمٌ حقيقي.

تطلق كلمة علم على تلك العلوم المبنية على حجج وبراهين علميّة دقيقة وعدّة اختبارات مادية مبنية على النقد والتحليل وما إلى ذلك لنخلص إلى قاعدة أو نظرية جديدة.

هذا هو العلم الحقيقي.

أما العلم الزائف فهو ذلك العلم المبني على خرافات وأساطير الأولين في ظل غياب أي حجة أو منطق علمي وتجد الكثير من الناس يميل إلى تصديقه ويعتبره إرث الأجداد ولا يقدم على إخضاعه للبحث والنقد والتحليل المنطقي كما قال "كارل ساجان": المزاعم غير العادية تتطلب أدلة غير عادية، لهذا نجده منتشر بكثرة كما هو الحال بالنسبة لأشباه العلماء الذين ملؤوا رؤوسنا بتفاهتهم.

هل يعني ذلك أنّنا سنكتشف يومًا ما بأنّ العلوم الزائفة حقيقية، فمثلاً نكتشف إمكانية الخروج والتجول خارج الجسد عن طريق التركيز؟ أو أنّ الأهرامات تحمل في قممها طاقة شفاء عجائبية؟
وهل يعني أن أيًا من نظرياتنا العلمية الحالية يمكن أن تلغى وتستبدل بفضل الكشوفات المستقبلية؟ 

مثلاً، هل يمكن أن نكتشف أنه في الحقيقة الشمس هي من يدور حول الأرض؟ أو أنّ الإلكترونات ليست سالبة؟ هل كون العلم في حالة تطوّرٍ وتحديث دائم يعني أنّ أيًا من نتائجه يمكن أن يتمّ نسفها في لحظة ما؟ في الواقع لا.

يكمن الاختلاف بين منتجات العلم الزائف وبين النتائج العلمية الثورية (مثل ما قدمه كوبرنيكوس والآخرون عن كروية الأرض، ومثل نظريات أينشتاين ونيوتن) في عاملٍ أساسي يصنع كل الاختلاف: اتباع المنهجية العلمية التجريبية في البحث.

العلوم الحقيقية هي طرقٌ منظمة للحصول على الحقائق والمعلومات، وهي تعتمد على الفكرة القائلة بأنّ العالم الطبيعي يعمل وفقًا لمبادئ يتم تأكيدها عبر الملاحظة والتجربة.

ولكي نفهم الفرق بين المنهج العلمي والعلم الزائف أكثر، سوف نربط الكلام النظري فيما يلي بمثالٍ بسيط، فتابعوا القراءة لنفهم أكثر.

تبدأ مراحل تكوّن النظريات العلمية باقتراح "فرضية" أو نموذج، وهو محاولة لتفسير الظواهر والمعطيات والنتائج التجريبية والبحث عن النمط أو الإطار الذي يفسرها، وهنا يمكن اقتراح عدة فرضياتٍ معًا قد تكون أي منها صالحة. 

تخيل أنك عند السير في ممر منزلك لاحظت أن الأرضية تصدر صريرًا. فتخيلت عدّة فرضياتٍ قد تفسر هذه الظاهرة:
1. الأرضية الخشبية تنثني تحت الثقل وتصدر صريرًا.
2. صوت الصرير يصدر عن التلفاز أو الراديو وليس عن الأرضية.
3. صوت الصرير ناتج عن حذائك.
4. صوت الصرير ناتجٌ عن طاقتك الخفية التي تتوهج عند المرور قرب المرآة.

هذه اقتراحات للفرضيات.

حتى الآن، وبغياب المعلومات الكافية، أنت تعتقد أن جميع هذه الفرضيات قد تكون مقبولة وقد يكون أيّ منها هو التفسير الحقيقي للظاهرة، ولكن زوجتك فضولية جدًا ولا يرضيها إلا أن تقوم بتفسير الظاهرة وفقًا للمنهج العلمي، فماذا ستفعلان؟

ولهذا فقد بدأ كارل ساجان carl sagan عام 1996 في وضع أول أسس حديثة لمجموعة من الأدوات للتفرقة بين العلم الزائف والعلم الحقيقي ونشرها في نفس العام تحت مسمى Demand hunted world. ثم بعد ذلك توالت الإصدارات من الباحثين والعلماء لتحديد الخطوط الفاصلة بين العلم الحقيقي والعلم الزائف.

التدرج المنهجي للقانون:
فرضية ثم تجربة ثم نظرية ثم قانون

وهنا اليوم سوف أسرد لكم خمس عشرة نقطة أو أداة للتفرقة بين العلم الحقيقي والعلم الزائف وهي في رأيي، اختصرت ما قرأته وجمعته من العديد من المصادر والمراجع العالمية لتكون معكم كقائمة اختبار لأي علم أو فكرة تطرأ عليكم وتلقى أمام ناظريكم ولم تعرفوا حقيقتها من زيفها.

هذه نقاط اختبارية يعني تسألوا أنفسكم عندما يعرض عليكم فكرة ما. مثلًا قانون الجذب، أو ركوب الخيل، أو طريقة جديدة للقفز من أعلى البنايات، وهكذا.

النقاط التي سوف أذكرها لكم هي نقاط اختبارية؛ يعني عندما يعرض عليك أي فكرة أو أي علم أو أي منتج، تأخذ هذه القائمة وتبدأ تسأل هذه الأسئلة لنفسك وتجيب عليها بعد التحقق من الإجابة.

┄┄┄༻❁༺┄┄┄ 

النقطة الأولى:
‎١- هل تفي الفكرة بمتطلبات التأهيل لتكون نظرية علمية؟ 

لو تفحصنا الأفكار التي تطرح أمامنا لوجدنا عددًا لا بأس به من الأفكار لا تتأهل لأن تكون نظريات.

يخبرنا المنهج العلمي أن الفرضية لا ترقى لتصبح نظرية علمية إلا إن حققت الشروط التالية:

أولاً- يجب أن تكون مدعومة بالدليل التجريبي ومعتمدة على أكثر من أساسٍ واحد.

في غياب الأدلة التجريبية، لا يمكنك ترجيح أي فرضيةٍ على الأخرى، فإن لم يسمع صوت الصرير أحد من الموجودين إلا أنت ولم يصدر مرة أخرى بعد أن جربت السير عليه بحذاء وبدون حذاء، بتلفاز مشغل أو مطفأ، وكذلك بمرآة أو بلا مرآة، فلا وجود لدليل يدعم أيًا من الفرضيات، قد تكون أيّ منها صحيحة وقد تكون أنت تخيلت الصوت لا أكثر. لذلك تقوم ببعض التجارب بمحاولة لترجيح أحد الفرضيات.

ثانيًا - النظرية العلمية محدّدة ونوعية بشكل يمكّن من اختبارها ودحضها، وإن لم تكن كذلك فهي غير مؤهلة لتحمل اسم "نظرية".

"شيءٌ ما قد أحدث صوتًا ما في مكان ما" تفسير لا يقنع زوجتك، فهو لا يرقى ليكون نظرية لأنه لا يفسّر الظاهرة بشكلٍ نوعيّ واضح.

ثالثًا - النظرية العلمية قابلة للاختبار وبالإمكان تكرار اختبارها والحصول على نتائج مشابهة.

فرضيتك تقول أنّ الحذاء هو ما قد أحدث الصرير، ولكنك جربت السير عدة مرات في نفس البقعة وبنفس الحذاء، كما جربه أخوك جيئة وذهابًا ولم يصدر أيّ صوت يذكر: إذًا فالفرضية غير صالحة.

رابعًا - النظرية العلمية قادرة على التنبؤ بنتائج اختباراتٍ مستقبلية.

إن كانت فرضيتك تنص على أنّ الخشب يميل تحت الثقل ويصدر صريرًا، جرب أن تضع عليه ثقلاً آخر، هل نجح تنبؤك؟ جيد. ولكنّ زوجتك تقترح اختبارًا أصعب لقدرة الفرضية على التنبؤ: يجب أن يظهر صوت الصرير أيضًا إن أبعدت كلّ العوامل الأخرى المرشحة فعليك أن تمشي بلا حذاء وتطفئ التلفاز وتبعد المرآة ثم تجرب، هل ظهر صوت الصرير ثانية؟ إذاً فقد اقتربت خطوة من التحقق من فرضيتك فاستمر باختبار صلاحيتها. أما إن فشلت فرضيتك بالتنبؤ بنتيجة الاختبار فعليك استبعادها أو تعديلها.

خامسًا - النظرية العلمية تصلح لإجراء اختبارات قد تنجح أو تفشل، أي أنها قابلة للتخطئة.

القاعدة تقول: مئات التجارب الناجحة لا تكفي للتحقق من فرضية، ولكن تجربة واحدة فاشلة تكفي لتخطئتها!

فإذا مشيت مئات المرات فوق الممر وظهر صوت الصرير نفسه، لن تستطيع معرفة إن كان ناتجًا عن الأرضية أم الحذاء. وللتحقق من فرضية أن الحذاء هو مصدر الصرير عليك أن تصمّم تجربة قابلة للتخطئة: كأن تسير حافيًا، وفي هذه الحالة لديك احتمالان:

إما أن يظهر صوت الصرير بدون الحذاء وبهذا تكون قمت بتخطئة الفرضية (بفشل تجربة واحدة)، أو ألا يظهر صوت. فإن لم يظهر الصوت هل يعني هذا أننا تحققنا من الفرضية؟ ليس بعد! فقد يكون الصوت ناتجًا عن تفاعلٍ ما بين العاملين معًا أو عن احتمال آخر لم تأخذه بعين الاعتبار بعد.

الآن ماذا عن الفرضية الرابعة: الطاقة الخفية؟
هذه الطاقة لا تُرى ولا تسمَع ولا تـُلمَس، تمامًا كالأمواج الراديوية التي أيضًا لا تُرى ولا تسمَع ولا تـُلمَس! فما الذي يجعلهما مختلفين؟ والجواب هو أن الثانية لها أثر قابل للقياس.

إن الإنسان لا يعتمد على حواسه المحدودة في الاختبارات العلمية بل يقوم بتصميم أجهزة تحوّل المعطيات إلى شكلٍ قابل للفهم والاستيعاب البشري: فالمجهز يكبر الجزئيات الصغيرة كي تصبح مرئية للعين البشرية، والراديو يلتقط الموجات الراديوية وتحولها إلى بثٍّ تسمعه الأذنان، والطاقة الكهربائية والمغنطيسية كذلك يمكن قياس أثرها عن طريق تجهيزاتٍ معينة.

فإن ادّعى أحدهم أن هناك طاقة غير قابلة للملاحظة والفهم ولا يمكن قياسها بأي طريقة ولا تعطي أي أثرٍ يدل على وجودها، فهذا النوع من الادعاءات ليس علميًا ولا يمكن أخذه بعين الاعتبار، كما أنه ادعاء غير قابلٍ للتخطئة! فلا تجربة يمكن أن تجعل ذلك المدعي يعترف بأن الطاقة التي يتكلم عنها غير موجودة؛ فمهما قمنا بتصميم تجارب علمية سيصرّ على ادعائه بأن فشل التجارب لا يعني أنها غير موجودة، وهذا هو العلم الزائف.

هذا جدًا مهم وينطبق على كل مؤيدي وممارسي ما يسمى بالطاقة الكونية الفلسفية.

سادسًا – النظرية العلمية قابلة للتغيير بناءً على اكتشاف أدلة جديدة.

فعلى الفكرة أن تكون ديناميكية ووقتية وقابلة للتصحيح. القواعد الجامدة التي لا تمتاز بالمرونة وقابلية التطور وفقًا للمعطيات الجديدة لا مكان لها في المنهج العلمي، فحتى أكثر النظريات العلمية قوة يمكن أن يضطر العلماء إلى إجراء تعديلات عليها وفقًا لمعطياتٍ جديدة لم تكن موجودة من قبل.

فبعد أن أنهيتما كل تلك الاختبارات بنجاح وقمتما بترجيح فرضية ما بعد تصميم عدة تجارب هادفة متنوعة للتحقق منها، ذهبتما إلى المطبخ فسمعتما صوت الصرير يصدر تلقائيًا! هذا يحتم عليكما أن تعيدا الاختبارات ولكن ستقومان هذه المرة بتصميم تجارب مختلفة لاستكشاف التفسيرات المحتملة الجديدة التي ظهرت على الساحة، وهكذا هي رحلة العلم، ليست محدودة ولا تتوقف أبدًا.

تلك هي بعض من مقومات المنهج العلمي، علمًا بأن التجارب العلمية التي تجرى على أرض الواقع لها شروط أكثر صرامة مثل التحكم الدقيق بظروف التجارب والمتغيرات وتصميم تجارب غفل للمقارنة وغيرها. إن أصحاب العلم الزائف يخالفون واحدة أو أكثر من المقومات السابقة، فمثلاً تجد أغلب كلامهم مبني على أساس واحد فقط ويتشبثون بادعاءات غير قابلة للاختبار كي يتهربوا من تخطئتها، ويقدمون العديد من الحجج والأعذار لكون نتائج "نظريتهم" غير قابلة للتكرار.

النقطة الثانية:
‎٢- هل الفكرة المطروحة تعتمد على معرفة قديمة؟

حين يدّعي أصحاب فكرة ما أنها مبنية على "معرفة قديمة" أو "معرفة غامضة" فتلك إشارة إلى أنها لا تستند إلى دليل علمي. في الحقيقة، العديد من النظريات المثبتة ليست بذاك القدم، لأنها حلّت مكان تلك الأكثر قدمًا مع تطور المعارف وتراكم الأدلة والمعطيات.

وبشكل عام، كلما كان الدليل العلمي أكثر حداثة، كان ذا أساسٍ علمي أقوى فمعارفنا في ازدياد ومع الوقت تصبح معلوماتنا ذات موثوقية أعلى بسبب قيامنا باستكشاف احتمالات أكثر، تصميمنا لتجارب أعقد، وإجراؤنا المزيد من الاختبارات المتواصلة بهدف ايجاد تفسيرات أدق.

النقطة الثالثة
٣- هل  الفكرة المطروحة نشرت أولًا في الصحافة والإعلام العام؟

دائمًا ما تخضع الاكتشافات الحقيقية للتنقيح من مصادر موثوقة ومحايدة، ويتم نشرها عن طريق الصحافة العلمية، وليس عبر وسائل الإعلام العامة، حيث أنّ من يلجأ للأخيرة لعرض "اكتشافه" فهو يتجنب غالبًا خضوعه للفحص الدقيق من المصادر الموثوقة.

وعندما لا توافق أيّ جهة موثوقة وعلمية -FDA على سبيل المثال- على فكرة أو منتج ما، فقد يلجأ أصحابها لادعاء أنها "مؤامرة" لمنع تسويق منتج في متناول يد الناس مثلاً، وبلجوئهم إلى أعذار "المؤامرة" هم يلجؤن إلى فرضية هي بحدّ ذاتها غير قابلة للإثبات ولا الاختبار ولا أدلة عليها سوى إصرار من يدعونها.

(FDA= وزارة الصحة الأمريكية)

النقطة الرابعة:
٤- هل الفكرة المطروحة تعتمد على وجود طاقة غير معروفة أو قدرات خارقة للعادة؟

قد يعمد أصحاب هذه الأفكار أيضًا لتسويق أفكارهم على أنها الأفضل أخلاقيًا أو ثقافيًا، ويدعمون ذلك ببعض نجوم التلفاز أو أناس يرتدون معطفًا أبيض لجعلها أكثر استساغة لدى الناس، ولكن الحقيقة هي أنه لا يمكننا الثقة بأي ادعاءات لم تمرّ من تحت مجهر المنهج العلمي المدقق والذي يفصل بين العلم واللاعلم ليقدّم لنا المعلومات الموثوقة التي تحتاجها البشرية لتسير قدمًا في طريق العلم والحضارة والمعرفة.

النقطة الخامسة:
٥- هل يذكر أصحاب الفكرة أنهم يتم قمعهم من قبل السلطات؟

وهذه عادة ما تكون ذريعة واهية حقًا. لماذا لا يأخذ العلماء مطالبهم بجدية؟ لماذا لا تتم الموافقة على المنتج من وزارة الصحة مثلًا؟ ولماذا لم يتم نشر أبحاثهم في المجلات العلمية؟

وكثيرًا ما نسمع أنه من صالح شركات الأدوية الكبرى أن تترك الناس مرضى ليحصلوا على أموال طائلة من بيع منتجاتهم. وفي الواقع أن شركات الأدوية هي أول من تحصل على الثروة عند إنتاج منتج جديد متطور، بنفس الطريقة نقيسها على مصنعي السيارات من يدعي قمعه لأنه أنتج مركبة بكفاءة محرك جديدة ومتطورة.

النقطة السادسة:
٦- هل الفكرة المطروحة صعبة التصديق أو بعيدة المنال أو رائعة جدًا لو كانت صحيحة؟

عندما تقابلك فكرة تبدو رائعة جدًا لو كانت صحيحة فاعلم أنها تتطلب أدلة وبراهين استثنائية على قدر عظمتها، وهل هذه الفكرة تتطابق عن ما نعرفه عادة أو مع الطريقة التي يعمل بها العالم؟ ويجدر بك أن تسأل كم من تلك الأفكار أو شبيه بها مر عبر التاريخ مما غير وجه العالم؟

وفي هذه الحالة لابد وأن تواجه الفكرة المطروحة بأسئلة غاية في المراوغة وتطلب من مدعيها إثباتات فوق العادة كما أنهم أتوك بفكرة فوق العادة. هذا يعني أن أسئلتكم واستفساراتكم يجب ألا تكون مباشرة.

النقطة السابعة:
٧- هل الفكرة المطروحة تمَّ أو يتمُّ تسويقها عبر الغش والخداع والحيل؟

نحن نعتبر التحايل في التسويق لا قيمة له أبدًا بحد ذاته. ولذلك كن حذرًا إذا رأيت تسويق الفكرة عن طريق التسويق المتحايل. ويجب عليك الحذر الشديد عندما يحتوي التسويق على المشاهير والمختبرات الكبرى والفنانين والممثلين واللاعبين الرياضيين وغيرهم.

النقطة الثامنة:
٨- هل اجتازت الفكرة الاختبارات الطبيعية البسيطة؟

هل نتائجها مثلًا تتوافق وثابتة مع تأثير البلاسيبو أو على قدرة الجسم الطبيعية للتشافي؟

عليك ألا تعتمد هنا على قانون الاحتمالات النادرة كالحدث الذي يحدث لشخص واحد لكل عشرة مليون شخص في الشهر. احتمالية ذلك الحدث لأن يحدث لكل منا في الشهر وهو إحدى احتمالين لا غير، إما أن يحدث وإما أن لا يحدث.

والاحتمال الأضعف هنا هو أن لا يحدث فلا تعتمد عليه أبدًا في تفسيرك للفكرة الملقاة بمجرد أنك رأيت جدتك في المنام يوم وفاتها.


النقطة التاسعة:
٩- هل الفكرة جاءت من مصدر يدعمها؟

العلم الحقيقي يبدأ من فرضية العدم ويبحث عن وجودها، بينما العلم الزائف يبدأ بفرضية إيجابية ويدعمها ببحث مشكوك فيه وتبريراته قصصية.

النقطة العاشرة:
١٠-هل توجد شفافية لمقدمي الفكرة؟

أي بحث جيد يسرد لك الخطة والطريقة التي قامو بها في بحثهم واختباراتهم بالتفصيل الدقيق. فأي فكرة تعرض عليك ينقصها شرح تفاصيل عملها واختباراتهم وليس لها مرجعية موثقة لها فعليك الابتعاد عنها.

النقطة الحادية عشرة:
١١- ماهي نوعية البيانات والمادة المقدمة لدعم الفكرة المعروضة؟

لابد من الانتباه لعملية نوعية البيانات وهل الاختبارات تمت في ظروف قياسية؟ وهل تمت على شريحة ضخمة من التجارب لتصل إلى قناعة حقيقة الفكرة وصحتها من عدمه؟.

النقطة الثانية عشر:
٢١- هل مقدمي الفكرة لديهم اعتماد من جهات موثوقة ومعتمدة؟

يجب أن تدرك أن هناك عدد هائل من المعاهد والجامعات في جميع أنحاء العالم تدرّس وتعطي شهادات وهي غير معتمدة وكذلك شهاداتها غير معتمدة، ناهيك أن هناك جامعات تدرس العلوم الزائفة بكافة أشكالها وكذلك العلوم المحرمة بما فيها السحر. لذا عليك أن تستقصي لشهادات عارض الفكرة في حيثية اختصاص الفكرة تحديدًا.

النقطة الثالثة عشر:
١٣- هل يذكر أصحاب الفكرة أن هناك شيء يعارض القاعدة العامة؟

في العلم الحقيقي عندما يعرض البحث الحقيقي يعطيك الاكتشاف ويعطيك النتائج. لا يذهب بعيدًا لشرح أن وجبات الغذاء السريعة مثلًا خطرة جدًا على الصحة!!! وكيف أننا ندمر كوكبنا وكيف تغطي الحكومة الفساد أو أنك ستذهب للجحيم إن لم تؤمن بهذه الفكرة.

عندما يتم تقديم الفكرة على أنها تصحيح للأوضاع القائمة فهذه إشارة صريحة لدعمها لفلسفة معينة أو فئة معينة بدلًا من العلم الحقيقي.

النقطة الرابعة عشر:
١٤- هل الفكرة تدّعي أن كل شيء طبيعي مئة بالمئة؟

كما تعودنا دائمًا لكثير من المنتجات تعريفها أنها طبيعي 100% يعني أنها منتجات آمنة وصحية ولكن حين التثبت من مكوناتها نجد أنها تحتوي على الزئبق والرصاص والتوادستولس وقنديل البحر العصبي المربع ناهيك عن كمية لا حصر لها من البكتيريا السامة والفيروسات (مولاي، السالمونيلا، الطاعون الدملي، الجدري) على سبيل المثال!!!

فليكن في معلومك أن المواد السامة والبكتيرية قد يعاد هندستها لتصبح موادًا آمنة وفعّالة ولينتج منها كميات صناعية كبيرة.

النقطة الخامسة عشر والأخيرة
١٥- هل الفكرة المطروحة مدعومة سياسيًا، آيدويولوجيًا، أو ثقافيًا؟

بعض الأفكار تعرض على أنها أخلاقية أو معنوية أو لها دعم من جهة ما، فهنا عليك الانتباه فقد لا تكون صحيحة علميًا.

┄┄┄༻❁༺┄┄┄ 

هذه هي النقاط التي تساعدك في كشف أي علم إن كان حقيقة أو زائف، وعليك فقط استخدامها بمهارة للوصول إلى الحقيقة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق